عذراً للهلال وليس انحيازاً للوحدة، فقد منحنا فرسان مكة المساحة الأكبر لأسباب وهي غياب نصف قرن.. 46 عاماً عن البطولات، و39 عاماً عن النهائيات، ووجدنا أنفسنا نتعاطف مع الوحدة ونجول في أحياء مكة وشعابها..
خاطبنا كل شيء وسألنا عن كل أمر.. تناقشنا مع العمد والجماهير، واقتحمنا الاستراحات والمراكيز، واستعدنا التاريخ والذكريات، وزرنا الشامية ودلفنا إلى الشبيكة وصعدنا للفلق ومررنا بالقرارة وعرجنا على النقا ونزلنا للسليمانية وعدنا والتفينا على شعب علي وشعب عامر ووجدنا أنفسنا في جياد بأقسامها الثلاثة السُد والمصافي وبير بليلة ولم نترك جبل الكعبة والمسفلة .
توقفنا في الطنضباوي منبع المواهب الكروية، لا أقولها انحيازاً كوني أنتمي لهذا الحي ولكن أتذكر تقريراً متميزاً للزميلة «الرياضي» أشار إلى أن 4 كباتن للأندية السعودية من حي واحد هو الطنضباوي وهم محمد نور في الاتحاد ونايف القاضي في الشباب وأسامة هوساوي في الهلال وكامل الموسى في الأهلي، وبالتزامن في هذا الموسم كما تجولنا في العتيبية والملاوي والعزيزية والزاهر.
عموماً استمتعت وأنا أتحدث لقدامى الوحدة حينما لبى دعوتنا فؤاد الخطيب وسعود حريري ومحمد الفائز ومحمد علي وزقر والدكتور علي سروجي والموهوب حامد سبحي، وكم كان الحديث رائعاً وجميلاً وحوار كان بالبلدي وبالمكاوي، مع ذلك الجيل الوحداوي الذي خاض آخر نهائي للفرسان عام 1393هـ في الألفية السابقة، لقد كانوا نجوماً بكل ما تعنيه الكلمة بموهبة وروح ونخوة ابن الحارة.. أجمعوا على عبارة واحدة ورسالة مباشرة للفرسان فحواها «لا تفتحوا الملعب».
قال الوزقر إن الخطورة تكمن في ويلهامسون، فعلق الخطيب «مراقبته مرفوضة لأنه سينشف ريق من يراقبه» وتحدثوا عن خطورة الشلهوب والفريدي وتناولوا بصراحة متناهية نقاط ضعف الوحدة، وبخبرة وبفطنة أصروا على عدم نشر أي انتقاد سواء للاعبين أو الإدارة، فقال محمد الفائز كابتن الكورة والإعلام «أتينا للنهائي ولشحذ الهمم»، والدكتور السروجي كانت فلسفته علمية، والسبحي جمع في الكلام بين موهبة الميدان وروعة الحديث.
أما الأنيق في أدائه سعود حريري فتحدث عن القوة وكيف تكسر الروح الفوارق.. يوم جميل أمضاه نجوم الوحدة السابقين في «المدينة» وخرجنا بحوار شيق.. اقرأوه، ففيه رسائل مباشرة للاعبين.
نقطة هامة استوقفتني عندما قالوا «ماذا لو استدعتنا إدارة الوحدة للالتقاء باللاعبين ونتحدث معهم ونرفع روحهم؟».
الخلاصة.. الكؤوس لا تحسمها الفوارق الفنية التي تقف لمصلحة الهلال، ولا التصريحات النارية المحسوبة على الوحداويين، إنما تحسم بالروح والحماس والإخلاص والثقة بالنفس والانضباط التكتيكي على مدار 90 دقيقة.
ضعوا تحت الانضباط التكتيكي مليون خط، بالإضافة إلى قدرة مدرب على قراءة المباراة والتعامل مع المتغيرات، لا غرابة أن يفوز الهلال فهو فريق خبير ومتمرس، وليس جديداً أن تفوز الوحدة، فالماضي امتداد للحاضر، وبالتوفيق للفريقين.
عبدالله فلاتة (المدينة)